شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
النبي صلى الله عليه وسلم ليس له من الأمر شيء
نقرأ في كتاب التوحيد، اقرأ باب قوله تعالى: رسم> أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا قرآن> رسم> يمكن أنها الباب الثاني عشر أو الثالث عشر نعم رسم> أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا قرآن> رسم> .
بسم الله الرحمن الرحيم
باب: قول الله تعالى: رسم> أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا قرآن> رسم> وقوله: رسم> وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ قرآن> رسم> .
وَفِي اَلصَّحِيحِ عَنْ أَنَس اسم> قَالَ: رسم> شُجَّ اَلنَّبِيّ –صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ أُحُدٍ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، فَقَالَ: كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهِمْ ؟ فَنَزَلَتْ: رسم> لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ قرآن> رسم> متن_ح> رسم> .
َفِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَر اسم> رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا رسم> أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اَللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ اَلرُّكُوعِ فِي اَلرَّكْعَةِ اَلْأَخِيرَةِ مِنَ اَلْفَجْرِ: اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا، بَعْدَمَا يَقُول:ُ سَمِعَ اَللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ اَلْحَمْدُ “ فَأَنْزَلَ اَللَّه:ُ رسم> لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ قرآن> رسم> متن_ح> رسم> .
وَفِي رِوَايَةٍ: رسم> يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمِّيَّة اسم> وسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو اسم> والْحَارِثِ بْنِ هِشَام اسم> فَنَزَلَتْ: رسم> لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ قرآن> رسم> متن_ح> رسم> .
وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة اسم> رضي الله عنه قَالَ: رسم> قَامَ فِينَا رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: رسم> وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قرآن> رسم> قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ (أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا)! اِشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اَللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ اسم> لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اَللَّهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّة ُ اسم> عَمَّةَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أُغْني عنِكَ مِنْ اَللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ اسم> بِنْتَ مُحَمَّدٍ اسم> سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اَللَّهِ شَيْئًا متن_ح> رسم> .
في هذا الباب عقده على هذه الآية، باب قول الله تعالى: رسم> أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ قرآن> رسم> الآية يدخل فيها كل المخلوقات، يعني كيف يجعلون لله شركاء، وأولئك الشركاء لا يملكون لأنفسهم شيئا، فضلا عن أن يملكوا لغيرهم؟ لا يخلقون شيئا؛ بل هم مخلوقون فكيف يجعلونهم شركاء لله تعالى في ملكه، وفي تصرفه؟ لا شك أن ذلك اعتراض وتنقص لله تعالى ورفع للمخلوق إلى رتبة الخالق، ودعاء له، مع الله سبحانه وتعالى فيدخل في ذلك الأنبياء والملائكة، فكلهم لم يَخلقوا شيئا، وكلهم مخلوقون، وكلهم لا يستطيعون نصر أنفسهم، وإنما يطلبون النصر من الله تعالى: رسم> أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا قرآن> رسم> لا يستطيعون نصركم، ولا يستطيعون نصر أنفسهم، وإنما يحتاجون إلى الله، ويطلبون الله تعالى ويطلبون النصر منه؛ لقوله تعالى: رسم> وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قرآن> رسم> رسم> إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ قرآن> رسم> .
يدخل في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في الآيات، ما صرح بمدلول الآية، أو بمراده بهذا الباب، تقديره الذي قدره وأراده، أن يقول: باب بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه، ولا لغيره ضرا ولا نفعا، وإذا كان هكذا فكيف يطلب؟ وكيف يسأل؟ وإذا كانت هذه حالته فكيف بمن هو دونه؟ فإن الجميع كلهم لا يملكون شيئا، ولا يخلقون، وهم مخلوقون.
ودل على ذلك أيضا من القرآن آيات كثيرة، منها قوله – تعالى- في سورة الأعراف: رسم> قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ قرآن> رسم> يعني إلا ما شاءه الله لي، لا أملك لنفسي، إذا كان كذلك فكيف تدعونه أيها المشركون؟ وكيف تقولون أعطنا ونحو ذلك؟ يسمع كثير منهم يدعونه، ذكرنا أن بعضهم ينادونه بـ يا رسول الله، ونحو ذلك، في مرة ونحن خارجون من الحرم المكي اسم> كان عند الباب زحام شديد، فهناك ناس يدخلون، وآخرون يخرجون، فحصل زحام، سمعت واحدا صرخ بقوله: يا رسول الله، في هذه الحالة الحرجة، كأنه يقول: فرج عني يا رسول الله ما أنا فيه من الزحام، حيث إن هناك من يزحمه أمامه، ومن يزحمه إلى جانبيه، نسي أو غفل أن يقول: يا ربي أو يا الله.
وكذلك أيضا سمع بعض الشباب واحدا في نفس الحرم اسم> وهو قد انتهى من الطواف، وإذا هو يقول: مدد يا رسول الله هكذا؛ فعند ذلك أنكر عليه، وقرأ عليه قول الله تعالى: رسم> وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا قرآن> رسم> كثير منهم يدعون النبي - صلى الله عليه وسلم- ويدعون غيره من الأولياء، ومن عقيدة الرافضة التعلق على الخمسة الذي نظمها بعضهم بقوله:
لي خمسـة أطفــــي بهم | نـار الجحـيم الحاطــــمة |
المصـــطفى والمجــتبى | وابنـاهمـا والفاطمـــــة |
الآية الثانية: في سورة فاطر قول الله تعالى: رسم> وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ قرآن> رسم> القطمير: هو قشرة نواة التمر، إذا أخرجت النواة وجدت عليها قشرة رقيقة خفيفة تنفخها؛ فتطير، فهل هذه تسمى ملكا من ملكها؟ أي لا تملك هذه المعبودات كلها من قطمير -حية أو ميتة- رسم> إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ قرآن> رسم> يعني مهما صرختم ومهما ناديتموهم: رسم> وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ قرآن> رسم> لو قُدر أنهم يسمعون - سواء كانوا أحياء أو أمواتا- ما استجابوا لكم: رسم> وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ قرآن> رسم> يتبرءون منكم ويقولون: رسم> مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُون فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ قرآن> رسم> نحن في شأن وأنتم في شأن، تدعوننا ونحن أموات، ونحن غائبون عنكم.
رسم> وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قرآن> رسم> لا يستجيبون لهم إلى يوم القيامة: رسم> وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ قرآن> رسم> غافلون عنكم وعن دعائكم، أموات قد ماتوا، وقد انتقلوا إلى الدار الآخرة، أو إلى حساب الآخرة، مشغولون بأنفسهم، ولو كانوا أنبياء، ولو كانوا أولياء: رسم> وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ قرآن> رسم> فهكذا قوله: رسم> وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ قرآن> رسم> يدخل في ذلك الأنبياء، والأولياء، والملائكة، والشهداء، والصالحون، ونحوهم؛ فلا يجوز دعاء أحد من هؤلاء؛ وإنما الذي يدعى هو الله وحده.
الأحاديث صريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك شيئا.
في الحديث الأول: قصة أحد وصل إليه بعض المشركين فشجوه أي شجوه في وجنته، جرح في وجنته، وكسرت رباعيته إحدى أسنانه، وهشمت البيضة على رأسه -كان على رأسه بيضة يعني: خوذة: وهي المغفر؛ فهشمت، وسقطت حلقة من حلقات المغفر في رأسه، واجتذبها بعض الصحابة بأسنانه حتى نضرت ثنية من ثناياه ونزف الدم، وأحرقت فاطمة اسم> قطعة حصير وأخذت رماده وضمدته على ذلك الجرح الذي في وجهه، والذي في رأسه، وجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: رسم> كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟ متن_ح> رسم> يعني استغرب أنهم يفلحون، ما أفلحوا، بل سلط الله تعالى عليهم، ومات منهم من مات، وعُذب من عذب، وهدى الله تعالى بعضهم.
هاهنا: رسم> لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ قرآن> رسم> الأمر ليس إليك، وإنما هو إلى الله، فلا تستغرب ذلك، فالله تعالى هو الذي يسلط مَنْ يشاء على مَنْ يشاء، فقد تَسَلَّطَ الكفار قديما من اليهود على أنبيائهم، وقتلوا الكثير من الأنبياء، وآخرُ من قتلوا يحيى بن زكريا اسم> قتل لرضا امرأة بغيٍّ، فكيف لا يتسلطون عليك؟! ولكن العاقبة لك، ولمن تبعك.
هذا الآية: رسم> لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ قرآن> رسم> تبين أنه لا يجوز أن يُسْأَلَ شيئا من أمر الآخرة، فلا تسألوه مغفرة، ولا تسألوه جنة، ولا تسألوه نجاة، ولا تسألوه رحمة، بل اعبدوا الله تعالى، واسألوه وحده، ولا تسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، ولا غيره.
يقول الحفظي اسم>
وكـل مـن دعـا معـه أحـدا | أشـرك بالله ولو محمــــدا اسم> |
الوليد بن الوليد اسم> هو أخو خالد بن الوليد اسم> آمن قديما، ولكن أسروه ومنعوه من الهجرة، ومع أنه يتمنى ذلك، وكذلك: عياش بن أبي ربيعة اسم> وسلمة بن هشام اسم> وغيره من المستضعفين. ثم يقول: رسم> اللهم العن فلانا وفلانا متن_ح> رسم> في بعض الروايات سَمَّى بعضا من أكابرهم: الحارث بن هشام اسم> -هو أخو أبي جهل اسم> - وكان ممن اشتد هجاؤه للمسلمين، كان شاعرا، ومع ذلك يهجو المسلمين، ولكنه أسلم بعد ذلك، وحَسُنَ إسلامه، صفوان بن أمية اسم> ولد أمية بن خلف اسم> الذي كان يُعَذِّبُ بِلَالًا اسم> ؛ لأنه كان مولاه، لما كان في وقعة بدر، وأسره عبد الرحمن بن عوف اسم> ورآه بلال اسم> قال: أمية بن خلف اسم> !! لا نجوتُ إن نجا ! فاستدعى بعض الأنصار فقتلوه، ولده صفوان اسم> أسلم بعد ذلك وهداه الله.
سهيل بن عمرو اسم> كان نزيلا بمكة اسم> وهو من أهل الطائف اسم> من ثقيف اسم> ولكنه شرف في مكة اسم> وهو الذي حصل على يديه الصلح في صلح الحديبية، ولكنه قبل ذلك كان رئيسا فيهم، وكان يُؤَلِّبُ على المسلمين، وكان مِمَّنْ أَلَّبَ عليهم يوم الأحزاب. فهؤلاء الثلاثة سُمُّوا في هذا الحديث، كلهم أسلموا هداهم الله تعالى، ودخلوا في الإسلام.
سُهَيْلٌ اسم> كان بعد ذلك من المجاهدين بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم - في عهد أبي بكر اسم> وعمر اسم> - كان قائدا من القواد. وكذلك أبو سفيان اسم> كان أيضا يتولى القيادة، وكان يجاهد في سبيل الله، فُقِئتْ عينه في سبيل الله، وجاهد، ثم فُقِئتْ عينه الثانية أيضا. دَلَّ ذلك على أن الله تعالى هداهم. فالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، فكان يدعو عليهم، ويلعنهم؛ لأنهم كانوا قد آذوا المؤمنين، فأنزل الله تعالى عتابا له هذه الآية: رسم> لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ قرآن> رسم> الله تعالى هو أَعْلَمُ بهم، فقد يتوب عليهم، وقد يُعَذِّبُهم. فإنْ عَذَّبَهُمْ فإنهم ظالمون، وإن تاب عليهم فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده إذا اهتدوا.
في الآية عتاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وفيها دلالة على أنه ليس له من الأمر شيء، وإذا كان ليس له من الأمر شيء، فكيف يُدْعَى مع الله؟! وكيف يصرف له شيء من حق الله؟!
مسألة>